الخميس، 13 يونيو 2013

خطبة الحجاب



بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى في كتابه العزيز:
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)
وقال عز وجل: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
بعث الله تعالى نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق ليخرج الناس من الظلمات إلى النور. بعثه لتحقيق عبادة الله تعالى وذلك بتمام الخضوع لله تعالى بامتثال أوامره واجتناب نواهيه وتقديم ذلك على هوى النفس وشهواتها وكل شيء آخر.
والحجاب قد أمر الله به في كتابه العزيز بشكل واضح صريح لا يقبل الجدل أو المراء وذلك في الآيات التي ذكرناها من سورة الأحزاب وسورة النور. وكانت المؤمنات على مر الأجيال على طريق الاستقامة في ذلك فكانت النساء تخرجن متحجبات متجلببات محتشمات بعيدات عن مواقع الفتنة ومواضع الريب. حتى أتى زمان بدأت فيه النساء يخرجن سافرات متبرجات ولا يرون بأساً بذلك، ويرون من يفعل ذلك ولا أحد ينكر عليهن، حتى صار عند الناس شك في الحجاب وحصل ما حصل من الكلام مع الجدال حول الحجاب وفرضيته.
فاعلم يا أخي المسلم واعلمي يا أختي المسلمة أن حجاب المرأة أمر فرضه الله عز وجل في كتابه وأكده نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في سنته. قال تعالى: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ). والخمار فسره العلماء بأنه ما تضعه المرأة على رأسها فهي مأمورة بأن تضرب به أي أن ترخيه على جيبيها وهو العنق والصدر. أي أن تغطي جميع رأسها وعنقها وصدرها ومواضع الفتنة فيها.
وفي الآية الأخرى قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا). والجلباب هو الرداء فوق الخمار مثل العباءة الفضفاضة الواسعة التي تخفي تفاصيل جسم المرأة ومفاتنها.
قالت أم سلمة رضي الله عنها: لما نزلت هذه الآية خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية سود يلبسنها. وذكر أبو عبيدة السلماني أن نساء المؤمنين كن يدنين عليهن الجلابيب من فوق رؤوسهن حتى لا يظهر إلا عيونهن من أجل رؤية الطريق.
وقد ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أمر بخروج النساء إلى مصلى العيد قلن: يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( ولتلبسها أختها من جلبابها )، وهذا يدل على أن المرأة لا تخرج إلا بجلباب وإن لم يكن لديها جلباب فلا تخرج ولا يأذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج، مع أن الخروج كان إلى أمر مشروع مأمور به وهو إلى مصلى العيد فكيف إذا كان لأمر غير مأمور به بل غير محتاج إليه.
فهذا أمر الله عز وجل وهذه سنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم فماذا يريد المسلمون بعد ذلك؟ , ودين الله عز وجل دين واحد وشرعه لا يتبدل مع تبدل المكان أو تبدل البلد والإسلام هو الإسلام لا يتغير حسب رأي الناس أو طلبهم.
فاتقوا الله عباد الله. اتقوا الله أيها المسلمون في نسائكم وبناتكم. اتقين الله أيتها المسلمات أيتها المؤمنات في أنفسكن وفي بناتكن. اتقوا الله وأتمروا بما أمر به وانتهوا عن ما نهى عنه وحذر وازدجر. اتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة. قوا أنفسكم وأهليكم ناراً  وقودها الناس والحجارة.
فكل أبٍ مسؤول عن بناته ومحاسب معهن، هل يرضى أبٌ أن يلقي ابنته في النار، في نار الدنيا، طبعاً لا يرضى ذلك، فكيف به في نار جهنم والعياذ بالله وهي أحر من نار الدنيا بسبعين ضعفاً.
وكل زوج مسؤول عن زوجته ومحاسب معها عن الالتزام بأمر الله وصون حرماته.
وكل امرأة مسؤولة أمام الله عن نفسها وعن بناتها، هل حفظت ما أعطاها الله من حسن وجمال وأطاعت أمر الله فيه، أم ضيعت حدود الله وارتكبت ما نهى الله عنه.
فاتقوا الله عباد الله واحذروا ما حرم الله عليكم. واعلموا أن الله سائلكم عن ذلك ومجازيكم على أعمالكم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدُّنيا حلوةٌ خَضِرة، وإنَّ الله مُستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملُون؟ فاتقوا الدُّنيا، واتَّقُوا النِّساء؛ فإنَّ أوَّل فِتنة بني إسرائيل كانت في النِّساء).
فانتبهوا أيتها الأخوات المسلمات إلى لباسكم وغطوا ما أمر الله بتغطيته واحتجبوا بالحجاب والجلباب والبسوا من الثياب العباءة الفضفاضة الواسعة وغطوا الرأس والصدر والنحر. وتجنبوا لبس الثياب الرقيقة أو القصيرة أو الضيقة التي تظهر مفاتن المرأة ومحاسنها وإياكم والتشبه بنساء الكفار في لبس القصير والرقيق والضيق وفي إظهار المحاسن وإبداء الشعور فهو من أعظم المفاسد. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من تشبه بقوم فهو منهم ). وانتبهوا أيها الرجال إلى ما تضعه نسائكم وبناتكم على أنفسهن من الثياب قبل أن يخرجن، وامنعوهن من لبس الثياب القصيرة والثياب الرقيقة أو الضيقة التي تجعل المرأة شبه عارية وتلقي بها إلى الفساد والفتنة ورقة الدين وقلة الحياء. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (صنفان من أهل النار لم أراهما بعد نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، ورجال بأيديهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس).
فيجب الحذر من ذلك غاية الحذر ومنع النساء منه والشدة في ذلك لأن عاقبته وخيمة وفساده عظيم.
ولا يجوز التساهل في ذلك مع البنات الصغار لأن تربيتهن على كشف أجسامهن يؤدي إلى اعتيادهن ذلك وكراهة ما سواه إذا كبرن فيجب تربيتهن على تقوى الله والحجاب حتى يكبرن بعيدات عن الفساد وعن الفتن.
اتقوا الله عباد الله وإياكم والتساهل في دين الله واعلموا أن من الواجب على المسلمين جميعهم وعلى أولياء النساء وأزواجهن خاصة أمر النساء بالحجاب وإنكار ما يرونه من المنكر كالتبرج والزينة والعادات السيئة التي انتشرت بين النساء والرجال. ومن هذه العادات الاختلاط المحرم، والخلوة المحرمة بين الرجل والمرأة، ومصافحة الرجل للمرأة، والأسوء من ذلك تقبيل الرجل للمرأة الذي انتشر كثيرا حتى بين المسلمين في بلاد الغرب الذين يقلدون الكافرون اليهود والنصارى. وهذه العادات كلها حرام ويجب إنكارها على من يفعلها.
فعلى أولياء النساء وأزواجهم إنكار هذا المنكر والغلظة فيه والشدة على من تساهل في ذلك. عسى الله سبحانه وتعالى أن يرفع عنا ما نزل من البلاء ويهدينا ويهدي نساءنا إلى الصراط المستقيم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وهو أضعف الإيمان).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق