الاثنين، 6 مايو 2013

خطبة صيام شهر رمضان



بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى في كتابه العزيز: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون).
فرض الله عز وجل في هذه الآية الصيام على أمة محمد صلى الله عليه وسلم كما فرضه على الأمم السابقة.
وعندما فرض الله عز وجل الصيام على عباده امتن عليهم بأجر عظيم على صيامهم، فجعل الصوم حصناً لهم من مكائد الشيطان وعلمهم به تربية نفوسهم على الصبر والتقوى. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الصوم نصف الصبر).
والصيام يعلم النفس النظام والعدل والمساواة ويشعرها بوحدة المجتمع الإسلامي وينمي في القلب عاطفة الرحمة والشفقة وخلق الإحسان وحب المساكين ويطهره من الشرور والمفاسد والآثام.
أما البدن فهو يسعد بالصيام ويتطهر من الرواسب والفضلات ويذوب ما فيه من سمنة وشحوم، ويكفي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (صوموا تصحوا).
أما جزاء الآخرة وهو الأبقى والأهم فهو جنات عدن ونعم لا تعد ولا تحصى، قال تعالى: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)، وقال في آية أخرى (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون) قال العلماء كان عملهم الصيام.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، يقول الله عز وجل: إنما يذر شهوته وطعامه وشرابه لأجلي، فالصوم لي وأنا أجزي به).
فقد جعل الله عز وجل الصوم عبادة مميزة عن بقية العبادات بالأجر والثواب العظيم الذي لا يعلمه إلا هو فقال إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، وذلك لأن الصوم هو كف وترك وليس عملاً يشاهد فلا يراه إلا الله عز وجل، فالشهوات هي وسيلة الشيطان وهي تقوى بالأكل والشرب وفي قهر الشيطان نصرة لله سبحانه وتعالى.
ونحن الآن على أبواب شهر رمضان شهر عظيم كريم كرمه الله عز وجل على باقي الشهور بجعل صيامه فريضة على كل مسلم. قال تعالى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان).
والأحاديث في فضل شهر رمضان وفضل صيامه كثيرة جداً. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا كان أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين ومردة الجان وغلقت أبواب النار وفتحت أبواب الجنة ونادى منادي: يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر اقصر) أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي حديث آخر يقول عليه الصلاة والسلام: (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفراتٌ لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر).
أما الإفطار في رمضان عمداً وبغير عذر فهو كبيرةٌ من الكبائر وإهدارٌ لفريضة من فرائض الله عز وجل وإذا استحلَّ المفطر فطره كان كافراً لأنه أحلَّ حراماً وأنكر معلوماً من الدين بالضرورة.
فعلينا منذ اليوم الاستعداد لهذا الشهر الكريم شهر رمضان المبارك الاستعداد بالطاعات والعبادات بالإقبال على الله عز وجل بإصلاح نفوسنا و أخلاقنا و بالعودة إلى دين الله وبالاصطلاح مع الله بعد ما أفسدنا وعصينا. فرمضان هو شهر التوبة وشهر التائبين العائدين إلى فضل الله وكرمه.
ورمضان هو شهر العبادات والبر والإحسان وكل عمل فيه أجره مضاعف وعظيم. وهو شهر الصدقة وشهر تلاوة القرآن وقيام الليل وشهر الاعتكاف والعمرة إلى بيت الله الحرام.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أفضل الصدقة صدقة في رمضان) وكان عليه الصلاة والسلام أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في رمضان.
وقال عليه الصلاة والسلام: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحيي ليالي رمضان وإذا كان العشر الأواخر أيقظ أهله وكل صغير وكبير يطيق الصلاة. وكان يكثر من قراءة القرآن الكريم ويعتكف في مسجده.
نذكركم أخيراً بحرمة صوم يوم الشك وهو اليوم الذي لا تثبت فيه رؤية القمر ويكون فيه شهر شعبان لم يكتمل فلا يجوز صيام هذا اليوم إذا لم يثبت أنه من شهر رمضان. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين يوماً).