السبت، 6 يوليو 2013

خطبة الخشوع في الصلاة



بسم الله الرحمن الرحيم
إذا كملت معرفة العبد لربه أورثت جلال الخوف واحتراق القلب، ثم يفيض الأثر إلى  الجوارح فيكبحها عن المعاصي ويعيدها إلى الطاعات، ويقمع الشهوات ويكدر اللذات، فتتأدب الجوارح، ويحصل في القلب الذبول والخشوع والاستكانة ويفارقه الكبر والحقد والحسد ولا يشغله إلا المراقبة والمحاسبة والمجاهدة.
والخشوع هو المظهر الأرقى لصحة القلب وسلامته. وفقدانه فقدان لحياة القلب وخراب له. فهو علم تصفية القلوب وإحيائها، والحضور مع الله والتأمل في المعاني قال تعالى: (وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ  والْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا). وفي الحديث المأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ومن نفس لا تشبع ومن قلب لا يخشع ومن دعوة لا يستجاب لها).
والخشوع في الصلاة هو ميزان خشوع القلب وعلامته، فالصلاة هي صلة العبد بربه وإتمامها من تمام هذه الصلة فليس المهم كيف يضع يديه أو كيف يجلس المهم هو الباطن، هو قلبه واعيٌ أم غافل. وأدلة ذلك كثيرة منها قوله تعالى: (وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي)، والغفلة تضاد الذكر فمن غفل في جمع صلاته كيف يكون مقيماً للصلاة لذكر الله عز وجل، وقوله تعالى: (وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس للعبد من صلاته إلا ما عقل منها).
ومن المعاني الباطنة للصلاة حضور القلب وفراغه عن غير ما هو فيه وما هو متكلم به، فيكون القلب مقروناً بهما ولا يجول الفكر في غيرهما، وسببه الهمة فالقلب يتبع الهمة وهو مجبول على ذلك فلا يحضر إلا فيما يهمك. والقلب إذا لم يحضر في الصلاة كان جائلاً فيما الهمة مصروفة إليه من أمور الدنيا فلا علاج لإحضار القلب إلا صرف الهمة إلى الصلاة وذلك بتبيين المطلوب منها. أي بالإيمان والتصديق بأن الآخرة خير وأبقى وأن الصلاة وسيلة إليها.
المعنى الثاني هو التفهم لمعنى الكلام، وكم من معانٍ لطيفة يتفهمها المصلي في أثناء الصلاة تمنعه عن الفحشاء والمنكر. وسببه إدمان الفكر وصرف الذهن إلى إدراك المعنى ودفع الخواطر، وذلك بالنزوع عن الأسباب التي تنجذب إليها الخواطر، ثم التعظيم وهو معرفة جلال الله عز وجل وعظمته ومعرفة حقارة النفس وكونه عبداً مسخراً. فيتولد من الموقفين الاستكانة والخشوع والانكسار لله سبحانه وتعالى، ثم الهيبة والخوف من قدرة الله وسطوته ونفوذ مشيئته فيه، وتزداد كلما زاد العلم بالله.
فانظر أيها الغافل في الصلاة بين يدي من تقوم ومن تناجي، أما تعلم أنه مطلع على سريرتك وناظر إلى قلبك وإنما يتقبل منك بقدر خشوعك وخضوعك وتواضعك وتضرعك.
ثم يأتي الرجاء والطمع بمثوبة الله وبسبب معرفة لطفه وكرمه عز وجل ونعمه ولطائف صنعه وصدق وعده بالجنة للمصلين واليقين بذلك.
ثم يأتي الحياء والشعور بالتقصير وتوهم الذنب والعجز عن القيام بعظيم حق الله عز وجل ويقوى ذلك بمعرفة عيوب النفس ونواقصها وآفاتها وقلة إخلاصها وميلها إلى الحظ العاجل.
ومن طرق إحضار القلب أن تقدِّر أن رجلاً صالحاً ينظر إليك كيف صلاتك فعند ذلك يتحضر قلبك وتسكن جوارحك، ثم ارجع إلى نفسك وقل ألا تستحين من خالقك ومولاك الذي هو مطلع عليك وناظر إليك وإلى قلبك أهو عندك أقل عندك من عبد ضعيف ليس بيده ضرك ولا نفعك. فما أشد طغيانك وجهلك بخالقك وما أعظم عداوتك لنفسك. فعالج قلبك بهذا.
أما دواء دفع الخواطر العارضة في الصلاة، فأولاً غض البصر وعدم ترك ما يشغله بين يديه، والقرب من الحائط حتى لا تتسع مسافة بصره، والاحتراز من الصلاة في الشوارع أو في المواضع المنقوشة والفرش المصبوغة. هذا فيما يخص الخواطر الظاهرة التي تخطر على الحواس. أما الخواطر الباطنة وهي الأشد فإن من تشعبت به الهموم في أودية الدنيا ولم ينحصر فكره في فن واحد عليه أن يرد النفس قهراً إلى فهم ما يقرأه في الصلاة ويشغلها به عن غيره. ويعينه على ذلك الاستعداد له قبل التحريم بأن يجدد على نفسه ذكر الآخرة وهول الموقف موقف المناجاة وخطر المقام بين يدي الله سبحانه وتعالى وهو المطلع. وأن يفرغ قلبه عما يهمه قبل التحريم ويستحضر عظمة الله ويصلي صلاة مودع وكأنها آخر صلاة له. وقد روي أن للعبد بين يد ربه مقامان مقامه في الدنيا في الصلاة ومقامه بين يديه في يوم القيامة فإذا أحسن الأول أحسن الله الثاني.
قال الشاعر بوصف الغافل في الصلاة
تصلى   بلا   قلب   صلاة     بمثلها        يكون   الفتى    مستوجبا      للعقوبة
تظل   وقد   أتممتها   غير      عالم        تزيد   احتياطا   ركعة   بعد     ركعة
فويلك  تدري  من  تناجيه  معرضا       وبين يدي  من  تنحني  غير    مخبتِ
تخاطبه     إياك     نعبد      مقبلا        على   غيره   منها   بغير     ضرورة
أما تستحي من مالك الملك أن يرى       صدودك   عنه   يا   قليل     المروءة

إلهي اهدنا فيمن هديت وخذ بنا إلى الحق نهجاً في سواء الطريقة.

هناك تعليق واحد:

  1. Playtech Casino: Best Casino Games and Bonuses - Casino Roll
    The games that 게임 사 you can play at the Playtech Casino include slots, table games, 1 bet video poker, and bingo games. 365 벳 What 게임 사 are the best Playtech casino games? 원피스 바카라

    ردحذف